President
- Home
- President
لماذا المركز الوطني للعيون؟
سؤال طرحه كثيرون عند التأسيس، وهو سؤال مشروع في زحمة الجمعيات التي يعج بها المجتمع اللبناني في كل الميادين الثقافيةو الصحية و الإجتماعية والأنسانية، لكن الجواب أتى ليرد على هذا التساؤل بأن المركزهو وليد حاجة موضوعية أساسها ندرة الجمعيات العاملة في مجال زراعة القرنيات و صحة العين على وجه العموم، في بلد كان غارقا في خضم حرب أهلية أهلكت البشر و الحجر و سببت إعاقات كثيرة لا سيما في مجال العيون بحيث أطفأت بعضها و أضرت بعضها الأخر ناهيك عن الأمراض التي تصيب العيون و التي لا قدرة لأبناء الطبقات الفقيرة على علاجها نظرا لإرتفاع كلفته في المستشفيات و العيادات الخاصة.
أما السبب الأخر الذي كان الدافع المباشر لتأسيس المركز، هو أن زوجي الراحل النائب مصطفى معروف سعد كان قد فقد البصرفي العام 1985 ، فكان القرار بأن نؤسس المركز الوطني للعيون عام 1987 ليعني بذوي الإحتياجات الصحية البصرية ، كيف لا وهو الذي ذاق مرارة فقدان بصره قبل سنتين من التأسيس، فكان يريد من ذلك الإهتمام بحاجات هؤلاء عن طريق إجراء عمليات زرع القرنيات على حساب المركز كما و الإهتمام المجاني بصحة العين و علاج أمراضها لكل محتاج أو قاصد.
في البدء كانت الإنطلاقة صعبة كون المركز كان يضطر لشراء القرنيات من الولايات المتحدة الأمريكية بكلفة مرتفعة و كانت أولى عمليات زرع القرنية في العام 1987، و قد تكللت جميعها بالنجاح ما زاد الإقبال على طلب خدمات المركز، وفي المقابل زادت النفقات و الأعباء المالية أمام عجز واضح عن تلبية كل قوائم الطالبين لعمليات زرع القرنية، فكان الحل باللجوء إلى طلب وهب الأعضاء ، غير أن ثقافة الوهب لم تكن رائجة في مجتمعنا اللبناني المشيع بتعاليم القيم الدينية السمحة، ذلك نتيجة الخوف من أن يكون وهب الأعضاء مخالفة لتعاليم السماء، فما كان أمامنا سوى اللجوء إلى رجال الدين مسيحيين و مسلمين الذين أجازوا الوهب بإعتباره صدقة جارية و مرضاة لله على مساعدة الإنسان لإخيه اللإنسان، و قد أتاح هذا الأمر أمام المركز بتنظيم قسائم للواهبين لقرنياتهم بعد الموت، ما فتح لنا طريقا جديدا مع إزدياد قسائم الوهب، بأننا باشرنا بإجراء أكثر من ثلاثين عملية زراعة قرنية في السنة بعد أن كان العدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة،حتى أننا بدأنا نتلقى إتصالات من خارج لبنان طلبا لإجراء عمليات زرع القرنية.
وكم كانت سعادتنا كبيرة بأن يرى أحمد بعيني جوزيف و ان تبصر أنطوانيت بقرنية فاطمة، فكنا بذلك السباقين إلى إلغاء الطائفية في عملنا بعد أن عجز السياسيون عن إلغاء الطائفية السياسية في ميدان عملها السياسي العام.
اليوم و بعد ثلاثين عاما على تأسيس و النجاح، بفضل المثابرة و العمل الدؤوب من جهة ، و بفضل أهل الخير و العطاء من جهة ثانية ، إستطعنا تجاوز غالبية العقبات و الصعاب، لا سيما وأن المركز أخذ على عاتقه إجراء الفحوصات المجانية لصحة العين لغالبية طلاب مرحلة التعليم الأساسي في المدارس الرسمية في مدينة صيدا و منطقتها، إضافة إلى تقديم نظلرات طبية لمن هم بحاجة منهم إليها،كما يقوم أطباء المركز بحملات توعية في المدارس حول صحة العين، إضافة إلى إجراء عمليات زرع القرنية لمن هم بحاجة إليها، ناهيك عن النشاطات المشتركة مع جمعيات رديفة كجمعية مرضى السكري لتأمين الإستجابة لأوسع قدر ممكن من حاجات مجتمعنا المحلي الذي بات ينوء تحت أعباء إقتصادية كبيرة لا يقدر على تحملها دون وجود الجمعيات الأهلية .
تجدر الإشارة إلى أن عمل المركز تجاوز مدينة صيدا حيث كانت الإنطلاقة ، ليفتح أقساما في جزين و عاليه،ليكون على أهبة الإستعداد لتقديم كل ما هو مطلوب منه خدمة للمجتمع اللبناني على نحو ما تسمح به إمكاناتنا و قدراتنا.
اليوم و بعد خمس و ثلاثين عاما على التأسيس، نتطلع إلى تحقيق مزيد من الأهداف في عملنا خدمة لمجتمع هو بأمس الحاجة إلى التقديمات الإجتماعية ة الصحية، جراء إنكفاء و عجز مؤسسات الدولة الصحية و الإجتماعية عن تقديم هذه الخدمات، ورزوح فئات إجتماعية جديدة تحت ضغط المتطلبات و الإحتياجات الكثيرة دون القدرة على تلبيتها على النحو المطلوب ، و نعد أهلنا في جميع المناطق اللبنانية اننا لن نألوا جهدا نستطيعه الا و نكون إلى جانبهم في مجال إختصاص عمل المركز تخفيفا لمعاناتهم و أوضاعهم الصعبة.
رئيسة المركز الوطني للعيون نجلا مصطفى سعد